قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [القصص: 85] قوله: ﴿ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾، فيها قولان: الأول: أي: لمعيدك إلى مكة فاتحًا بعد أن أخرجك قومك منها.
والثاني: أي: لمعادك بعد البعث إلى يوم القيامة ومدخلك الجنة.
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88] قوله: ﴿ وَجْهَهُ ﴾ فيها قولان: القول الأول: ﴿ وَجْهَهُ ﴾، أي: ذاته، والمعنى: أن كل شيء يفنى وتبقى ذاتُه المقدسة، فأطلق الوجه وأراد به ذات الله جلَّ وعلا.
قال ابن كثير: وهذا إخبار بأنه تعالى الدائم الباقي، الحيُّ القيوم، الذي تموت الخلائق ولا يموت، فعبَّر بالوجه عن الذات، كقوله: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27].
القول الثاني: ﴿ وَجْهَهُ ﴾، أي: الأعمال الصالحة التي أريد بها وجه الله، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: قال طائفة من السلف: كل عمل باطل إلا ما أريد به وجهه.