معنى
الحج والعمرة:
الحج لغة: القصد، وشرعًا: التعبُّد لله بأداء المناسك على ما جاءت به السنَّة[1]، ومعنى "العمرة": الزيارة.
حكم الحج:
الحج واجب على كل مكلَّف، قال -تعالى-: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، وهو أحد أركان الإسلام؛ لحديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: ((بُنِي الإسلام على خَمس...)) [2].
ووجوبه مرة واحدة في العمر؛ لِما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خطبَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا أيها الناس، قد فَرَض الله عليكم
الحج فحُجُّوا))، فقال رجل: أَكُلَّ عامٍ يا رسول الله؟ فَسَكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو قلتُ: نعم، لوَجَبت، ولَمَا استطعتم))، ثم قال: ((ذَرُوني ما تركتُكم؛ فإنما هَلَك مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم؛ فإن أمرتُكم بشيء، فَأْتُوا منه ما استطعتم، وإذا نَهَيتُكم عن شيء، فدَعُوه)) [3].
وأجمعت الأمة على وجوب الحج.
حكم العمرة:
الراجح من أقوال أهل العلم أن العمرة واجبةٌ مرةً في العمر، وهو قول عليٍّ، وابن عباسٍ، وابن عمرَ، وعائشةَ، ومما يدلُّ على الوجوب: حديثُ أبي رَزِين العُقَيلي - رضي الله عنه - أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخٌ كبير، لا يستطيع
الحج ولا العمرة ولا الظَّعن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حُجَّ عن أبيك واعتَمِر))[4].
والمقصود بـ "الظَّعن": الركوب على الدابة؛ أي: لا يَقوى على السفر.
وفي الصحيحين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((دخلتِ العمرةُ في الحجِّ))، وهذا يدل على ارتباطها به، وأنها منه، وأنها مِثله في الحكم؛ ولذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إنها لَقَرينته في كتاب الله"[5].
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "ليس أحدٌ إلا وعليه حجَّة وعُمْرة"[6].
الترغيب في أداء
الحج والعمرة:
وردت الأحاديث مرغِّبة في بيان فضيلة
الحج والعمرة، فمن ذلك:
أولاً: تكفير الذنوب:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن حجَّ لله فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُق، رَجَع كيوم ولدتْه أمُّه))[7].
قال الحافظ - رحمه الله -: "الرَّفَث": الجماع، ويُطْلَق على التعريض به، وعلى الفحش في القول، وقوله: ((ولم يَفْسُق))؛ أي: لم يأتِ بسيِّئة ولا معصية[8].
وفي روايةٍ عند مسلم: ((مَن أتى هذا البيتَ فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق، رجع كما ولدتْه أمُّه)).
فقولُه: ((مَن أتى البيت)) يشمل مَن أتاه معتمرًا أو حاجًّا؛ فهو أشملُ من الحديث السابق الذي خصَّه بالحج فقط.
ثانيًا: دخول الجنة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ لِما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة))[9].
ثالثًا:
الحج والعمرة يَنْفِيانِ الفقر والذنوب:
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تابِعوا بين
الحج والعمرة؛ فإنهما يَنْفِيَانِ الفقرَ والذنوب؛ كما يَنْفِي الكِير خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجَّة المبرورة ثوابٌ إلا الجنة))[10].
رابعًا:
الحج جهاد:
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: ((لكنَّ أفضلَ الجهاد حَجٌّ مبرور))؛ رواه البخاري، وفي لفظٍ: ((جِهادُكنَّ الحَجُّ))[11].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحجُّ والعمرة"[12].
خامسًا: الحاجُّ في ضمان الله:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثةٌ في ضمانِ الله - عزَّ وجلَّ -: رجلٌ خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجلٌ خرج غازيًا في سبيل الله، ورجلٌ خرج حاجًّا))[13].
سادسًا: الحاجُّ والمعتمر وفْدُ الله:
عن جابرٍ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الحُجَّاج والعُمَّار وَفْدُ الله، دَعَاهم فأجابوه، وسَأَلوه فأعطاهم))[14].
سابعًا:
الحج من أفضل الأعمال:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ العمل أفضل؟ قال: ((إيمانٌ بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حَجٌّ مبرورٌ))[15].
ورواه ابن حِبَّان في صحيحه، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الأعمال عند الله -تعالى-: إيمانٌ لا شكَّ فيه، وغزوٌ لا غُلُولَ فيه، وحَجٌّ مبرورٌ))[16].
ثامنًا: النفقة في
الحج كالنفقة في سبيل الله:
عن بُرَيدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((النفقة في
الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعفٍ))[17].
استحباب كثرة
الحج والعمرة:
تقدَّم حديثُ ابن مسعود - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تابِعوا بين
الحج والعمرة...))، وفى لفظ: ((أَدِيموا الحجَّ والعمرة...))[18].
قال المُنَاوِي في "فيض القدير": "وَاظِبوا وتَابِعوا ندْبًا، وَأْتُوا بهما على الدَّوام لوجه الله"[19].
قلتُ: وقد وَرَد الترغيبُ في ذلك بألا يمضيَ عليه خمسة أعوام إلا ويَفِد إلى البيت حاجًّا أو معتمرًا؛ فعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله - عزَّ وجلَّ - يقول: إن عبدًا صحَّحتُ له جسمَه، وأَوْسعتُ عليه في المعيشة، يمضي عليه خمسة أعوام لا يَفِد إليَّ - لَمَحْرومٌ))[20].
:
الشيخ عادل يوسف العزازي